فصل: تفسير الآيات (2- 3):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: معالم التنزيل المشهور بـ «تفسير البغوي»



.سورة الفلق:

مدنية.

.تفسير الآية رقم (1):

{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1)}
{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} قال ابن عباس، وعائشة- رضي الله عنهما-: كان غلام من اليهود يخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فدبت إليه اليهود، فلم يزالوا به حتى أخذ مُشَاطة رأسِ النبي صلى الله عليه وسلم وعدَّة أسنانٍ من مشطه، فأعطاها اليهود فسحروه فيها، وتولى ذلك لَبِيدُ بن الأعْصمِ، رجل من يهود، فنزلت السورتان فيه.
أخبرنا أبو حامد أحمد بن عبد الله الصالحي، أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم، حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أخبرنا أنس بن عياض عن هشام عن أبيه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم: طُبَّ حتى أنه ليخيل إليه أنه قد صنع شيئًا وما صنعه، وأنه دعا ربه، ثم قال: أَشَعَرْت أن الله تعالى أَفْتانِي فيما استفتيته فيه، فقالت عائشة: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: جاءني رجلان فجلس أحدهما عند رأسي والآخر عند رِجْلَيَّ، فقال أحدهما لصاحبه: مَا وَجَعُ الرَّجُل؟ قال الآخر: هو مَطْبُوب قال: من طبَّه؟ قال لَبِيدُ بن الأعْصَمُ قال: في ماذا؟ قال: في مُشْطٍ ومُشَاطة وجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ، قال: فأين هو؟ قال: في ذَرْوَانَ- وذروان بئر في بني زُرَيْقٍ- قالت عائشة: فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم رجع إلى عائشة، فقال: والله لكأن ماءها نُقَاعةُ الحِنَّاء، ولكأن نخلها رءوسُ الشياطين، قالت: فقلت له: يا رسول الله هلا أخرجتَه؟ قال: «أما أنا فقد شفاني الله، فكرهت أن أثير على الناس به شرا».
وروي أنه كان تحت صخرة في البئر، فرفعوا الصخرة وأخرجوا جُفَّ الطلعة، فإذا فيه مشاطة رأسه، وأسنان مشطه.
أخبرنا المطهر بن علي الفارسي، أخبرنا محمد بن إبراهيم الصالحاني، حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر أبو الشيخ الحافظ، أخبرنا ابن أبي عاصم، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن يزيد بن حيان بن أرقم قال: سَحَرَ النبي صلى الله عليه وسلم رجل من اليهود، قال: فاشتكى لذلك أيامًا، قال: فأتاه جبريل، فقال: إن رجلا من اليهود سحرك وعقد لك عقدا، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم عليًا فاستخرجها فجاء بها، فجعل كلما حل عقدة وجد لذلك خفة، فقام رسول الله كأنما نشط من عقال، فما ذكر ذلك لليهود ولا رأوه في وجهه قط.
قال مقاتل والكلبي: كان في وتر عُقِد عليه إحدى عشرة عقدة. وقيل: كانت العُقَد، مغروزة بالإبرة، فأنزل الله هاتين السورتين وهما إحدى عشرة آية؛ سورة الفلق خمس آيات، وسورة الناس ست آيات، كلما قرئت آية انحلت عقدة، حتى انحلت العقد كلها، فقام النبي صلى الله عليه وسلم كأنما نشط من عقال.
وروي: أنه لبث فيه ستة أشهر واشتد عليه ثلاث ليال، فنزلت المعوذتان.
أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر، أخبرنا عبد الغافر بن محمد، أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان، حدثنا مسلم بن الحجاج، حدثنا بشر بن هلال الصواف، حدثنا عبد الوارث حدثنا عبد العزيز بن صهيب، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد: أن جبريل عليه السلام أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد اشتكيتَ؟ قال: نعم، فقال: «بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك، بسم الله أرقيك والله يشفيك».
قوله عز وجل: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} أراد بالفلق: الصبح وهو قول جابر بن عبد الله والحسن، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وقتادة، وأكثر المفسرين، وهي رواية العوفي عن ابن عباس، بدليل قوله: {فالق الإصباح}.
وروي عن ابن عباس: إنه سجن في جهنم. وقال الكلبي: واد في جهنم.
وقال الضحاك: يعني الخلق، وهي رواية الوالبي عن ابن عباس، والأول هو المعروف.

.تفسير الآيات (2- 3):

{مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3)}
{مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ} أخبرنا أبو الحسن السرخسي، أخبرنا زاهر بن أحمد أخبرنا جعفر بن محمد المغلس، حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني، حدثنا وكيع عن ابن أبي ذئب، عن خاله الحارث بن عبد الرحمن، عن أبي سلمة عن عائشة قالت: أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيدي فنظر إلى القمر فقال: «يا عائشة، استعيذي بالله من شر غاسق إذا وقب. هذا غاسق إذا وقب».
فعلى هذا: المراد به: القمر إذا خسف واسودَّ {وَقَبَ}، أي: دخل في الخسوف وأخذ في الغيبوبة وأظلم.
وقال ابن عباس: الغاسق: الليل إذا أقبل بظلمته من المشرق ودخل في كل شيء وأظلم، والغسق: الظلمة، يقال غسق الليل وأغسق إذا أظلم، وهو قول الحسن ومجاهد، يعني الليل إذا أقبل ودخل والوقوب: الدخول، وهو دخول الليل بغروب الشمس.
قال مقاتل: يعني ظلمة الليل إذا دخل سواده في ضوء النهار.
وقيل: سمي الليل غاسقا لأنه أبرد من النهار، والغسق: البَرْد.
وقال ابن زيد: يعني الثريا إذا سقطت. ويقال: إن الأسقام تكثر عند وقوعها وترتفع عند طلوعها.

.تفسير الآيات (4- 5):

{وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)}
{وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} يعني السواحر اللاتي ينفثن في عقد الخيط حين يرقين عليها. قال أبو عبيدة: هن بنات لبيد بن الأعصم سحرن النبي صلى الله عليه وسلم. {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} يعني اليهود فإنهم كانوا يحسدون النبي صلى الله عليه وسلم.

.سورة الناس:

مدنية.

.تفسير الآيات (1- 6):

{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)}
{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ} يعني الشيطان، يكون مصدرًا واسمًا.
قال الزجاج: يعني: الشيطان ذا الوسواس {الخناس} الرجاع، وهو الشيطان جاثم على قلب الإنسان، فإذا ذكر الله خنس وإذا غفل وسوس.
وقال قتادة: الخناس له خرطوم كخرطوم الكلب في صدر الإنسان فإذا ذكر العبد ربه خنس. ويقال: رأسه كرأس الحية واضع رأسه على ثمرة القلب يُمنِّيهِ ويحدثه، فإذا ذكر الله خنس وإذا لم يذكر رجع فوضع رأسه، فذلك: {الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ} بالكلام الخفي الذي يصل مفهومه إلى القلب من غير سماع. {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} يعني يدخل في الجني كما يدخل في الإنسي، ويوسوس للجني كما يوسوس للإنسي، قاله الكلبي.
وقوله: {في صدور الناس} أراد بالناس: ما ذكر من بعد، وهو الجِنّة والناس، فسمى الجن ناسا، كما سماهم رجالا فقال: {وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن} [الجن- 6].
وقد ذكر عن بعض العرب أنه قال وهو يحدث جاء قوم من الجن فوقعوا، فقيل: من أنتم؟ قالوا: أناس من الجن. وهذا معنى قول الفراء.
قال بعضهم: أثبت أن الوسواس للإنسان من الإنسان كالوسوسة للشيطان، فجعل {الوسواس} من فعل الجِنَّة والناس جميعا، كما قال: {وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن} [الأنعام- 112] كأنه أمر أن يستعيذ من شر الجن والإنس جميعا.
أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر، أخبرنا عبد الغافر بن محمد، أخبرنا محمد بن عيسى، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان، حدثنا مسلم بن الحجاج، حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا جرير عن بيان عن قيس بن أبي حازم، عن عقبة بن عامر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألم تر آيات أنزلت الليلة لم يُرَ مثلهن قط: {قل أعوذ برب الفلق} و{قل أعوذ برب الناس}».
أخبرنا أبو سعيد محمد بن إبراهيم الشريحي، أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي، أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن إبراهيم العدل، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أبو العباس بن الوليد بن مرثد، أخبرني أبي، حدثنا الأوزاعي، حدثني يحيى بن أبي كثير، حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن عقبة بن عامر الجهني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: «ألا أخبرك بأفضل ما تعوذ المتعوذون»؟ قلت: بلى، قال: {قل أعوذ برب الفلق} و{قل أعوذ برب الناس}.
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الصمد الجوزجاني أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد الخزاعي أخبرنا أبو سعيد الهيثم بن كليب الشاشي، أخبرنا أبو عيسى الترمذي، حدثنا قتيبة، حدثنا المفضل بن فضالة عن عقيل، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه فنفث فيهما، فقرأ فيهما: {قل هو الله أحد} و{قل أعوذ برب الفلق} و{قل أعوذ برب الناس} ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده. يفعل ذلك ثلاث مرات.
أخبرنا أبو الحسن السرخسي، أخبرنا زاهر بن أحمد، أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي، أخبرنا أبو مصعب عن مالك، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث، فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح عنه بيده رجاء بركتهما.
أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي وأبو حامد أحمد بن عبد الله الصالحي قالا حدثنا أبو بكر أحمد بن الحسين الحيري، أخبرنا محمد بن أحمد بن معقل الميداني، أخبرنا محمد بن يحيى، حدثنا بعد الرازق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالا فهو ينفق منه آناء الليل وآناء النهار».
أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا إبراهيم بن حمزة، حدثني ابن أبي حازم عن يزيد، يعني ابن الهاد، عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «ما أذِنَ الله لشيء ما أذِنَ لنبيِّ حسن الصوت يتغنىَّ بالقرآن يجهر به».
. تم.